ذكرى رحيل صاحب “سجنان” و”عزيزة”… محطات في مسيرة “عبد اللطيف بن عمار”

You are currently viewing ذكرى رحيل صاحب “سجنان” و”عزيزة”… محطات في مسيرة “عبد اللطيف بن عمار”

ذكرى رحيل صاحب “سجنان” و”عزيزة”… محطات في مسيرة “عبد اللطيف بن عمار”

تحل اليوم ذكرى وفاة المخرج التونسي “عبد اللطيف بن عمار”، الذي وُلد في 25 افريل 1943 ورحل في 6 فيفري 2023، بعد أكثر من نصف قرن قضاه في عالم السينما.
بن عمار، الذي بدأ مشواره الفني في فترة مهمة من تاريخ تونس، استطاع بأعماله المتنوعة والمؤثرة، مثل “حكاية بسيطة جداً” و”سجنان”، أن يضع بصمته في تاريخ السينما التونسية والعربية.
درس السينما في فرنسا، ثم عاد إلى تونس بعد اكتسابه خبرة ثرية في الخارج.
نجح “بن عمار” في تحقيق مكانة مميزة في عالم السينما، حيث استفاد من أول أفلامه الروائية الطويلة، مثل “حكاية بسيطة جداً” الذي أنتج في عام 1970. مثل العمل خطوة قادت بالسينما التونسية إلى تجارب واسعة، فهو أول فيلم تونسي يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان “كان السينمائي الدولي”.
في “حكاية بسيطة جداً”، كشف “عبد اللطيف” عن موهبته السينمائية من خلال استعراض قصة حساسة تطرح قضايا الهوية وتقبل الآخر . تدور القصة حول المخرج “شمس” الذي يسعى لإنتاج فيلم وثائقي عن العمال التونسيين، الذين عملوا خارج فرنسا، وعادوا إلى وطنهم. فيختار “حامد”، الذي يعيش في الريف، ليكون شخصية محورية تظهر كيفية اندماجه وتفاعله مع زوجته الإسبانية ومدى تكيفها مع بيئتها والمجتمع وأسرتها الجديدة.
أما فيلمه “سجنان” (1974)، الذي فاز بجائزة “التانيت الفضي” في مهرجان “الأيام” عام 1974. فقد تم فرض رقابة عليه و”صنصرة” بعض المشاهد. كما تعرض المخرج لمضايقات من نظام الرئيس بورقيبة بسبب تصويره للفترة الحساسة عام 1952، حيث بدأت معركة الكفاح التحريري ضد الاستعمار الفرنسي.
ولا يمكن الحديث عن سينما “بن عمار” دون ذمر فيلمه “عزيزة” المتوج بالناتيت الذهبي في أيام قرطاج السينمائية في عام 1980. يمثل العمل وثيقة بصرية تسهد على قضايا المرأة التونسية في تلك الفترة من خلال سرد قصة “عزيزة” التي تضطرها الظروف لتعول على نفسها وتنتقل من المدينة العتيقة، للعمل في أحواز العاصمة التونسية.
لم يقتصر دور “بن عمار” على الإخراج السينمائي فقط، بل عرف بنشاطه الاجتماعي وتعدد مواهبه. شغل مناصب مختلفة في الميدان السينمائي، وقام بالتمثيل في بعض أفلامه الخاصة، مسلطا الضوء على جوانب مختلفة من حياته .
لم تكن هذه الأعمال مجرد أفلام عابرة، بل هي شهادات حية على التاريخ والمجتمع، حيث استطاع بن عمار ببراعة أن ينقل القضايا الحساسة ويرويها بطريقة تترك أثرا عميقا في السينما التونسية والعربية.

رحيله في 6 فيفري 2023 يشكل خسارة كبيرة لعالم الفن السابع ككل، ولكن تظل اسهاماته السينمائية رمزا للإبداع والتفاني.