تعتبر السينما مجالاً فنيا يتفرد في استكشاف عمق العواطف وتسليط الضوء على قصص الحب بشكل مبتكر. إن قدرة السينما على نقل المشاهدين إلى عوالم مختلفة وترجمة التجارب الإنسانية تجعلها وسيلة فنية تتجاوز حدود الزمان والمكان. وفي سياق متصل، أصبحت قصص الزهايمر محور اهتمام للسينما، حيث تنظر إلى هذا المرض الذي يؤثر على الذاكرة والهوية بطريقة فريدة.
تركز أفلام الحب والزهايمر على رواية قصص معقدة ومثيرة، تجمع بين عناصر الرومانسية والتحديات الواقعة نتيجة لهذا المرض الذي يعيد تشكيل الحياة والعلاقات. من بين هذه الأعمال السينمائية البارزة يحضر فيلم “بتتذكري” للمخرجة داليا نمليش كنموذج لا يُضاهى يجمع بين قصة حب مؤثرة وتأملات عميقة حول التذكر والنسيان.
يتخذ العمل من مرض الزهايمر قاعدة لسرد قصة مؤثرة تتناول ملامح الحب الحقيقي وكيف يمكن للعواطف أن تتجاوز حاجز الزمان والنسيان.
فهو سرد سينمائي عن شيخوخة زوجين، إلياس وكريستيان، اللذان يجدان نفسهما أمام فصل جديد في حياتهما، يتمثل في انفصال حتمي. ومن هنا يتحول الفيلم إلى رحلة مثيرة بين ذاكرتهما المشتركة وتحديات الحاضر.
“بتتذكري”.. هذه الكلمة التي تكررها شخصيات الفيلم تفتح أمامنا أبواب الذاكرة، تأخذنا في رحلة فريدة بين الماضي والحاضر.
“يمكن عم خرف، بس بعدني متذكر هالجسم الحلو…” بهذه الكلمات، يعبر “إلياس عن مشاعره لزوجته”كريستيان”. هو حوار خاص، من شأنه أن يعكس قوة العلاقة والتحديات التي تواجههما.
ربما يتبادر إلى ذهن المشاهد – في هذا السياق – التشابه بين هذه القصة وحكاية النجم المصري “عمر الشريف”، الذي أصيب بمرض الزهايمر وفقد كل شيء إلا حبه لفاتن حمامة.
“Somewhere in Between”، هو إسم الفيلم بالإنجليزية، ولعله يعزز بشكل أكبر عمق هذا العمل ويدفع المشاهد للتفكير في الجوانب الخفية والعميقة للقصة.
إذ يتساءل الفيلم بشكل غير مباشر عن الجسد، والحب، والعلاقات الإنسانية، مشدداً على النظرة إلى المستقبل وكيف يمكن للذكريات أن تعيد نفسها بشكل غير متوقع. ويصور ببراعة، على مدى 15 دقيقة، العجوز الذي يجد نفسه في عزلة، يستعيد ذكرياته مع امرأة تعيش إلى جانبه، تدرك أن لحظة الوداع قد تأتي في أي لحظة…
“بتتذكري” ليس مجرد فيلم، بل هو تجربة سينمائية تلتقي فيها الرومانسية بالحنين، ويلامس الفن أوجاع الفقدان، مما يجعله تحفة فنية لا تنسى.