أسدل اليوم 2 نوفمبر 2024، الستار على الدورة الأولى من المهرجان الدولي للسينما في الصحراء، وسط أجواء ساحرة امتزج فيها عبق التراث بألق السينما في قصر غيلان، بولاية قبلي. حمل هذا الختام معه لوحة استثنائية، زاخرة بالتنوع والإبداع، تعيد للسينما روحها الأصيلة وسط أحضان الصحراء المهيبة.
أحيت السهرة الفنانة التونسية روضة بن عبد الله، بصوت يفيض شغفا، غنت للسينما وجسّدت بأدائها نبض الجنوب التونسي، فحمل صوتها الحضور إلى عمق الهوية والتراث. بالاضافة إلى شاب من عالم “الراب”، أضفى حيوية لا تعرف الحدود على الأمسية، حيث تفاعل معه الجمهور بحرارة، وارتفع التصفيق في أرجاء المكان، ليملأ الصحراء ببهجة تجمع بين مختلف الأجيال.
أما ديكور السهرة، فقد كان انعكاسا لروح الصحراء وتفاصيلها الآسرة، حيث تزين المكان بالخيمة التقليدية التي تعانقت مع لمسات “موديرن” من الأضواء التي أضافت بعدا سحريا، ليبدو المكان كأنّه مسرح سينمائي يحتفي بتمازج الماضي مع الحداثة في صورة واحدة.
وعلى صعيد الجوائز، أشادت لجنة التحكيم بجهود جمعية المهرجان التي أسهمت في إنجاح هذه النسخة التأسيسية، وأعلنت عن تقسيم الجوائز إلى ثلاث فئات: للهواة، المحترفين، والمدارس، تقديرا للأعمال السينمائية المتميزة التي شاركت في المسابقة الرسمية، والتي شملت 22 فيلما متنوعا بين الوثائقي والتحريكي والروائي.
وقد حظي فيلم “ليلة بيضاء لصام تعشيت من الجزائر بتنويه خاص عن فئة أفلام التحريك، بينما حازت جائزة لجنة التحكيم على فيلم “صوب الضوء” للمخرج اللبناني قاسم اسطنبولي. أما جائزة وردة الرمال البرونزية، فقد كانت من نصيب الفيلم الإيراني “21 سبتمبر” للمخرج رحمان برهاني لتميزه في المعالجة السينمائية ورمزيّته.
هذا ونالت المخرجة التونسية هالة البرقاوي جائزة وردة الرمال الفضية عن فيلمها “شريط حواء”، الذي نجح في التعبير عن مشاعر الحب بعذوبة استثنائية. بينما حصدت المخرجة الباكستانية زينب يونس جائزة وردة الرمال الذهبية ، عن فيلمها “بماواز” الذي لمس الوجدان بقصته الشاعرية.
وامتدت الجوائز لتشمل ومضات تحسيسية تميزت بقيمتها وأهميتها، حيث نالت دار الشباب بحي التضامن جائزة “وردة الرمال البرونزية”، ومركز التخييم بقرقنة “وردة الرمال الفضية”، في حين نالت دار الشباب سليمان جائزة “وردة الرمال الذهبية”.
مثل هذا المهرجان احتفاء بالصحراء كمساحة للتأمل والإبداع، وكرّس السينما جسرا يعبر بين الماضي والحاضر، يجمع الناس على اختلاف خلفياتهم وأحلامهم، ويجعل من قصر غيلان منارة تضيء شغف السينما في قلب الجنوب التونسي.
عبير العقربي