في صمت الصحراء الشاسعة، حيث تلتقي زرقة السماء بامتداد الرمال الذهبية، يخطو الإنسان للمرة الأولى، كأنه رائد فضاء يكتشف كوكبا جديدا، بعيدا عن صخب المدينة وزحام الحياة. هنا، حيث تروي كل ذرة رمل حكايات قديمة، يغمر الزائر شعور بالدفء والسكون، كأن الصحراء تربت على كتفه، مطمئنة إياه بأنه في حضنها الآمن. إنها رحلة مختلفة، حيث تُترك البنايات والضوضاء خلفك لتصبح جزءا من هذا الامتداد الساحر.
في هذا الإطار، أطلق المهرجان الدولي للسينما في الصحراء دورته الأولى ليتيح لمحبي الفن السابع فرصة استكشاف الصحراء من منظور جديد وفريد. من بين الفعاليات اللافتة، عُرض فيديو بعنوان “موجات الصحراء: رحلة رائد فضاء لاكتشاف الصحراء”، من إعداد نور جلولي، الذي عبّر فيه عن زيارته الأولى للصحراء وأثرها العميق عليه.
يصور جلولي في هذا الفيديو، الصحراء كرحلة اكتشاف كونية، كما لو كان رائد فضاء ينزل إلى كوكب غير مألوف تماما، تاركا خلفه ضجيج مدينته وازدحام الحياة ليغمره فضاء لا حدود له، حيث السكينة تغلفه، والشمس تُحمّله دفئا، وكأنها تؤكد له أنه في المكان الذي طالما بحث عنه.
في لحظات ممتعة، يتجول جلولي وسط الكثبان الرملية الهادئة، فيرقص بانسجام مع الأرض، يترجم مشاعره العميقة وحبه الفطري لهذا المكان. ومن خلال استعماله للألوان الباهتة التي تظهر في اللون الاصفر المنبعث من الرمال، ينجح في إيصال إحساس الدفء والفرح الذي يملأ قلبه، فتغدو الصحراء ليس مجرد فضاء طبيعي، بل ملاذا روحيا يعيد ترتيب المشاعر ويجدد الطاقة.
المهرجان الدولي للسينما في الصحراء يسعى، من خلال مثل هذه العروض، إلى تقديم منظور جديد تجاه الصحراء وسحرها الآسر. إنه احتفاء بالفنون البصرية في فضاء مفتوح يعكس تنوع تجارب الزائرين والمبدعين، ويربط كل منهم بهذا العالم الشاسع بطرق فريدة. “موجات الصحراء” هو دعوة لكل من يراه ليغوص في معاني العشق الصامت الذي لا تتسع له الكلمات، وليتواصل مع عمق ذاته بعيدا عن إيقاع الحياة المتسارع.
عبير العقربي