خلال الندوة الصحفية التي انعقدت تحت عنوان “الإنتاج بميزانية صغيرة: قيد أم حرية؟” ضمن فعاليات تظاهرة شاشات الحمامات، استعرض المخرج التونسي عبد الحميد بوشناق رؤيته حول إنتاج الأفلام بميزانية محدودة في تونس. وسط التحديات التي تواجهها الصناعة السينمائية من حيث التمويل وتوقعات الجمهور، قدم بوشناق تحليله العميق لما يتطلبه النجاح في هذا المجال.
أوضح بوشناق أن تحقيق فيلم ناجح بميزانية ضئيلة يُعد حلمًا يطمح إلى تحقيقه، لكنه لا يخفي العقبات التي تعترض هذا المسعى. فهو يرى أن العمل بميزانية متواضعة يمثل تحديًا كبيرًا يستدعي الصبر العميق، والإرادة الصادقة، والموهبة الفذة. وبحسب بوشناق، لا يمكن لأي شخص يملك المال فقط أن يصنع فيلمًا ناجحًا، ولا يمكن اعتبار كل من أنجز فيلمًا مخرجًا متميزًا. إذ أن صناعة الأفلام تتطلب ما هو أكثر من مجرد موارد مالية، إنها تحتاج إلى شغف وموهبة تنعكس على الشاشة.
لم يتردد “بوشناق” في توجيه نقد لاذع للجمهور التونسي، الذي يرى أنه لا يزال يربط السينما المحلية بأنماط تقليدية مثل أفلام “الحمام”. كما أشاد بأسماء مخرجين كبار مثل قيس شقير وكوثر بن هنية، مشيرا إلى أن “شقير” تحديدا قد نجح في إعادة الجمهور التونسي إلى قاعات السينما المحلية. غير أنه أعرب عن استيائه من الاعتقاد السائد بأن نجاح الفيلم يقاس بمشاركته في المهرجانات الدولية مثل مهرجان كان السينمائي، معتبرا أن هذه النظرة قاصرة.
أما بشأن تطورات التكنولوجيا، فقد عبر بوشناق عن تخوفه من تأثير الذكاء الاصطناعي على صناعة الأفلام. فهو يخشى أن يأتي يوم تتحكم فيه هذه التقنية الذكية بالعقول البشرية، مما يفقد الأفلام “روحها” التي تعد جوهر الفن السابع. واعتبر أن التوجه نحو الإنتاج الوفير للأفلام بواسطة الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى نفور الجمهور من قاعات السينما، لا سيما في تونس، حيث يعاني الإنتاج السينمائي من نقص في الدعم وقلة إقبال الجمهور.
يُذكر أن تظاهرة شاشات الحمامات تأتي لتسليط الضوء على الإنتاج السينمائي محدود الميزانية واتجاهات القطاع الجديدة، وذلك من خلال تنظيم المركز الوطني للسينما والصورة بالتعاون مع المركز الثقافي الدولي بالحمامات، تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية، في الفترة الممتدة من 5 إلى 11 أوت 2024.