درّة بوشوشة… المنتجة التي أعطت للسينما العربية صوتًا نسائيًا حرًا

وفي وقت لم يكن من السهل على النساء أن يخترن طرقًا غير تقليدية، اختارت درّة بوشوشة أن تسير
عكس التيار. بعد دراستها للأدب الإنجليزي، وجدت نفسها مشدودة إلى لغة أخرى، أعمق وأكثر تأثيرًا:
السينما. لم تبدأ فورًا في الإنتاج، بل خاضت أول تجربة لها من موقع قريب من الكواليس، حين عملت
في فريق إنتاج فيلم صمت القصور لمفيدة التلاتلي، وهي تجربة تركت أثرًا كبيرًا في وعيها الفني،
وأشعلت رغبتها في أن تكون جزءًا من هذا العالم
لكن درّة لم تكن تبحث عن مجد شخصي، بل عن مساحة للقول، وللصوت المهمّش، وللصورة الصادقة.
فأسّست شركتها “Nomadis Images” في وقت كانت فيه السينما التونسية تفتقر إلى بنية حقيقية،
لتدعم من خلالها مشاريع مختلفة، وأصواتًا شابة تبحث عن فرص ومساحات
منذ ذلك الحين، لم تتوقف. لم تكن منتجة تقليدية، بل شريكة في الرؤية، في المعركة، وفي الإيمان بأن
السينما يمكن أن تكون فعلًا ثقافيًا عميقًا. اختارت نصوصًا جريئة، وساهمت في بروز مخرجين
ومخرجات أصبحوا من علامات المشهد العربي. كما ترأست مهرجانات كبرى، وشاركت في لجان
تحكيم دولية، وكانت دائمًا حاملة لقضية: أن تظل السينما منفتحة، حرة، وقادرة على مواجهة الصمت.
وضمن مسارها الثقافي، تولّت إدارة مهرجان أيام قرطاج السينمائية لثلاث دورات مختلفة، وكانت أول
امرأة تتولى هذا المنصب أكثر من مرة، مما رسّخ حضورها كمؤثرة في المشهد السينمائي العربي
والإفريقي
وفي 2018، جاء اعتراف عالمي بهذا المسار حين تم اختيارها عضوة في أكاديمية الأوسكار. لكن
بالنسبة لها، تبقى القيمة الحقيقية في الاستمرارية، في دعم الآخرين، وفي الإيمان بأن الفنّ لا يُقاس
بالجوائز فقط، بل بالأثر الذي يتركه في الناس. درّة بوشوشة، بكل هدوئها وصلابتها، كانت وما زالت
تُجسّد نموذج المرأة التي تصنع التغيير من الخلف، لكن بحضور لا يمكن تجاهله

أبرز الأفلام التي أنتجتها درة بوشوشة
صمت القصور (1994) – مفيدة التلاتلي
حرير أحمر (2002) – رجاء عماري
بركات! (2006) – جميلة الصحراوي
نحبك هادي (2016) – محمد بن عطية
غدوة (2021) – ظافر العابدين
بنات ألفة (2023) – كوثر بن هنية