You are currently viewing هند صبري في فيلم “صباح الفل”…عندما تترجم كسرة القلب من خلال صباحات متكررة

هند صبري في فيلم “صباح الفل”…عندما تترجم كسرة القلب من خلال صباحات متكررة

كثيرة هي الأفلام الاجتماعية التي تسلط الضوء على حياة المرأة العربية وما تعانيه من ظروف مادية وتهميش، لكن القليل منها من ينجح في اقناع الجمهور والتأثير فيه. ولعل الفيلم المصري القصير “صباح الفل” ينتمي إلى هذه الأقلية.

فهو عمل من نوع المونودراما يدوم 8 دقائق، للمخرج “شريف البنداري” وبدعم من المركز القومي للسينما. قصته مستوحاة من النص المسرحي “الاستيقاظ” للكاتب الإيطالي “داريوفو”.

“تحضر التونسية “هند صبري” كالممثلة والبطلة الوحيدة في هذا الفيلم، حيث تجسد معاناة المرأة العاملة بعد الزواج والتي تصطدم بعديد الحقائق التي كانت تجهلها، من خلال دور “سناء” أو “ثناء” كما يفضل المخرج تسميتها.

“صباح الفل” هو صباحات متكررة للبطلة يشاركها فيها ابنها.ولعل وجود الرضيع في الفيلم من شأنه يقدم تفسيرا أكبر عن حجم المسؤوليات التي تتحملها “ثناء”.

من طبيعة الفيلم القصير، أنه يفتقر إلى كثرة التفاصيل وقد جاءت كافة المعلومات على لسان الشخصية في حد ذاتها. بالإضافة إلى قلة الأحداث والحبكات الدرامية الفرعية، فأحداث “صباح الفل” تتمحور أساسا حول حدث وحيد وهو استيقاظ البطلة متأخرة عن العمل، بعد كابوس طويل عن ما تعيشه من ضغوطات في عملها.ولكن على الرغم من افتقار الفيلم للمشاهد المسقطة وكثرة الأحداث، إلا أن “ثناء” تميزت بحركاتها السريعة والمتكررة والموفقة والتي غالبا ما تدل على التوتر والصراعات النفسية التي بداخلها.

تحضر الألوان بشكل داكن في الفيلم، إذ تنتقل بطلتنا في أنحاء الغرفة المظلمة، في منزلها الذي يليق بحالتها الإجتماعية، مرتدية ملابس سوداء داكنة، باحثة عن “المفتاح” علها تفتح به أبواب منزلها الموصدة.

فكأن “المفتاح” في هذا العمل يتجرد من معناه الحقيقي ليحضر بصورة رمزية ليجعلظ المنزل بمثابة سجن “لثناء” والمفتاح هو الوسيلة الوحيدة التي ستساعدها لكسب حريتها. يحتل الحوار مركزا أساسيا في الفيلم، إذ تصرح من خلاله الشخصية عن التفاصيل التي تؤثث حياتها.

فلا يكفيها قسوة الظروف الاجتماعية وتوترات العمل، لتعاني من جهة أخرى علاقة باهتة مع زوجها تجعلها تعيش صراعات ذاتية واحتياجات عاطفية وجنسية.تشتد العقدة الدرامية في الفيلم مع انهيار البطلة” في منتصف الحلقة وهي تقول بنبرة صوت يكسوها اللوم “مش كفاية الدنيا عليا يا عطية…”. فكأنها توجه رسالة صريحة إلى زوجها الذي لا يولي مشاعرها ومجهودها أي اهتمام. ومع الوصول إلى اللقطة الأخيرة في العمل، يظن المشاهد لبرهة أنها لحظة الانفراج، لكنها ليست إلا تكرارا لذات الأحداث التي تعيشها “ثناء” في كل نهاية أسبوع.

لا يمكن للمشاهد، أن يتجاوز حجم المفارقة التي تكسو الفيلم. فالعنوان هو “صباح الفل” وإسم البطلة هو “ثناء” أي المدح والشكر، وهو ما يتنافى حتما مع حقيقة قصة هذا العمل السينمائي ورسائله غير المباشرة. كما لا يمكن عدم الإشارة إلى الإضافة التي قدمتها “هند صبري” في الفيلم، فاختيار المخرج لها ليس اعتباطيا.

إذ تمكنت “هند” من خلال هذا الدور تجاوز حدود التمثيل والنجاح في الاقناع والتأثير على المتفرج. فلا يمكن للناظر مشاهدتها وهي تنهار تارة وتبتسم أخرى دون أن يتعاطف معها. هي ثمان دقائق، استطاعت “هند من خلالها تجسيد كافة أبعاد شخصية طيبة،صبورة وكادحة وفي الآن ذاته خاضعة إلى حد ما وتعاني اكتآبا وحاجة إلى الحب والعطف والإحساس بأنوثتها. وبذلك فإن “هند صبري” في هذا العمل، هي مرآة تعكس واقع عديد النساء في مصر وكافة العالم العربي.