من “التلاتلي” إلى “السحيري”: مسيرة نسوية تُعيد تعريف السينما التونسية في كان السينمائي

You are currently viewing من “التلاتلي” إلى “السحيري”: مسيرة نسوية تُعيد تعريف السينما التونسية في كان السينمائي

من “التلاتلي” إلى “السحيري”: مسيرة نسوية تُعيد تعريف السينما التونسية في كان السينمائي

  • Post category:أخبار

منذ أكثر من ستة عقود، والسينما التونسية تجد طريقها إلى شاشات مهرجان كان، أحد أعرق المحافل السينمائية في العالم. حضور بدأ بخطوات خجولة، سرعان ما تحوّل إلى مسار متين، يُثبت أن للسينما في تونس طموحًا لا يعرف التراجع.

عام 1955، لم يكن الفيلم التونسي “تونسيا” بالكامل، بل كان بعيون فرنسية، لكنه حمل اسم البلاد، فاتحا الباب أمام ولادة علاقة طويلة الأمد بين مهرجان كان وتونس. تلك العلاقة ترسخت أكثر عام 1958، عندما تم اختيار فيلم “جحا”، إنتاج تونسي فرنسي مشترك ، للعرض، وهو الفيلم الذي شهد أول ظهور سينمائي للنجم المصري عمر الشريف.
لكن حضور تونس في “كان” لم يكن مجرد رقم في قائمة المشاركين، بل تحول إلى بصمة فنية، خاصة مع دخول أسماء نسائية غيّرت قواعد اللعبة. مفيدة التلاتلي، مثلًا، صنعت التاريخ عام 1994 بفيلمها “صمت القصور”، الذي نال جائزة الكاميرا الذهبية في قسم “نصف شهر المخرجين”، ثم عادت عام 2000 بفيلم “موسم الرجال”، مؤكدة قدرة المخرجات التونسيات على تقديم سينما ذات طابع خاص، تعكس هموما إنسانية ونفسا محليا بتقنيات عالمية.
لكن القفزة الكبرى جاءت في سنة 2023، عندما دخلت كوثر بن هنية المسابقة الرسمية لمهرجان كان بفيلمها بنات ألفة، الذي مزج بين الروائي والوثائقي، وطرح قصة أمّ فقدت ابنتيها بعدما التحقن بتنظيم داعش. الفيلم شكّل لحظة تاريخية للسينما التونسية، ليس فقط بسبب نوعيته الفريدة، بل لأنه جعل كوثر أول مخرجة تونسية تنافس على السعفة الذهبية. هذا النجاح تُوّج بترشيح الفيلم لجوائز الأوسكار، ما أضاف بعدا عالميا للسينما التونسية النسوية.
واليوم، يشهد مهرجان كان عودة مرتقبة للمخرجة التونسية أريج السحيري، التي تخطف الأنظار بفيلمها الجديد سماء بلا أرض، المشارك ضمن مسابقة “نظرة ما” في دورة سنة 2025 التي من المقرر أن تنطلق يوم 14 ماي 2025 . عودةٌ تُشعل حماس الجمهور التونسي المتعطّش لرؤية بصمة نسوية جديدة تُحلّق باسم تونس في سماء كان. يعد هذا الفيلم المشاركة الثانية لأريج السحيري في مهرجان كان، بعد أن فاز فيلمها الأول “تحت الشجرة” بجائزة لجنة التحكيم من “نصف شهر المخرجين

هذا الامتداد التاريخي والحضور النسوي اللافت يرسّخان مكانة تونس كواحدة من أبرز الدول العربية التي استطاعت أن تتعامل مع الفن السابع كوسيلة تعبير وهوية، وليس فقط كصناعة ترفيهية.