أعلن المخرج الأردني “محمود مساد” عبر صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي عن اعتذاره عن منحة صندوق البحر الأحمر للسينما ومقدارها 40 ألف دولار. وأكد أن الوضع الذي يعيشه قطاع غزة اليوم من دمار ومجازر تحول دون قدرته لمثل هذه الأمور.
ودعا في ذات السياق كافة السينمائيين الى ضرورة التضامن مع الفلسطينيين ومقاومة قوى الاحتلال الاسرائيلي.
وفي حديثه عن موسم الرياض, أكد أن الاحتفالات في مثل هذا الوقت أمر لا يغتفر.
وقد جاء ما كتبه “مساد” كالتالي:
اسمي محمود مسّاد.
اسم فيلمي “سينما كواكب”
صانع أفلام ومخرج أردني فلسطيني
منذُ أكثر من شهر وأنا أستيقظ كما يستيقظ العالم على أخبار القصف والقتل والدّمار الواقع على أهلنا في غزّة، منذُ بداية الحرب، انتبهتُ لظاهرةٍ غريبة، ألا وهي أنّ الكثير من أصدقائي المثقفين وصانعي الأفلام التزموا الصمتَ عمّا يحدث.
لم أشك لحظةً في رؤيتهم حينها، فهؤلاء أصدقاء عمر طويل. تقاسمنا فيه الطعام والسفر ومثّلنا معاً شعوبنا بقصص تحكي عن وجودهم في هذا العالم. قلتُ لنفسي: لعلّهم يحتاجون القليلَ من الوقت كي يستوعبوا هذه اللحظة العصيبة؛ لحظةَ مقاومة تُدافع عن الأرض والإنسان ومحتلّ يتحالف مع قوى الظلام في العالم كي يمحوها عن الخريطة.
قصّةٌ نحلمُ أن تنتهي كما في الأفلام، إذ تنتصر فيها المجموعة الصغيرة المؤمنة بالحرية أمام أكبر جيوش العالم. ولكن بعد أن بدأ العدوان على أهلي في غزة، بدأ صمتهم أوضح وأثقل.
هل يعقل أنّهم لم يروا ما رأيتُه؟ هل أنا وحدي أرى كل هذه القصص عن مستشفيات يُقتل فيها المئات من المدنيين والأطفال والشيوخ في ثوان؟ هل شاهدوا -يا تُرى- قصفَ الجوامع والكنائس؟ هل يُغتفر الصمتُ بعد أن يُقصف مخيمٌ مليء باللاجئين؟
قد يُغتفر الصمت أو يُبرّر، لا أدري. ولكن من المؤكّد أن الاحتفالات في وقت يقع فيه كلُّ هذا الظلم والمهانة على أهلنا هو ما لا يُغتفر. خاصة إن جاء هذا الاحتفال من بعض اخواننا واشقائنا في المملكة العربية السعودية، وأنا أعي تماماً أنّ هذا الموقف يمثّل القائمين على الاحتفال ولا يمثّل اهلنا واشقائنا في المملكة.
وبناءً عليه، فأنا المخرج محمود مسّاد اجد من الصعوبة قبول مثل هذه المنحة المقدمة إليَّ من صندوق البحر الأحمر للسينما ومقدارها (40 ألف دولار) والذي يُعقد في دورته (الثالثة في نهاية شهر نوفمبر وبداية ديسمبر).
هذا وأطالب جميع صانعي الأفلام، نحن الذين نحب السينما، وتحمّلنا كلّ المتاعب لنقل رسالة الإنسانية، لنحمي قصص الأبطال من الضياع وقصص المظلومين من النسيان، أطلب منّا (صانعي الأفلام) أن نحمي حقَّ المقاومة وقصّة الفلسطينيين أجمع وأن نقف معاً لرفض تسخير قصّتنا ونضالنا إلى احتفال، ونحن لم ننتشل بعدُ جثثَ أبنائنا من تحت الركام.
أدعو أن نحارب من أجل كرامتنا الإنسانية ودورنا كفنانين وأرجو منهم أن يحددوا مواقفهم، ليجيبوا لأنفسهم قبل أن يجيبوني عن سؤالٍ بات يجول في خاطري منذ بدأت الحرب: على أيّ طرفٍ من الحرب ينبغي لنا أن نكون؟ الحق أم الباطل؟