في خطوة أثارت انتباه عشاق الفن السابع، أعلن المخرج المصري “رامي إمام” على هامش حضوره في حفل جوائز “جوي” اعتزال والده الزعيم “عادل إمام” للتمثيل بعد مسيرة حافلة بالعطاء الفني. وأكد “رامي” في ذات السياق قرار والده التفرغ للحياة الأسرية برفقة أبنائه وأحفاده، مشيرًا إلى أنه يتمتع بصحة جيدة.
يثير هذا القرار تأملاتنا في مسيرة “الزعيم” التي امتدت لعقود، ويشعل رغبتنا في استحضار نجاحات هذه الشخصية الفنية البارزة والتأمل في الإرث السينمائي الذي خلّفه في ذاكرة الجمهور.
من الجوانب التي يجب مراعاتها عند التحدث عن مستقبل السينما المصرية هو التحدي الكبير في إيجاد بديل لإمام. رغم وجود مواهب فنية كبيرة في مصر، إلا أن تعويض إمام ليس مجرد مسألة تقنية، بل تحتاج إلى العديد من العوامل المتلازمة مثل الكاريزما، والتنوع في اختيار الأدوار، والقدرة على تحمل ضغوط الشهرة.
يقول الناقد “عصام زكريا”-في مقابلة مع القاهرة الاخبارية- واصفا الزعيم قائلا أنه “استطاع أن يتربع على عرش النجومية 60 عامًا، لتمتعه بحضور وجاذبية خاصة، وأيضًا الذكاء والقدرة على إدارة الموهبة، واصفًا ذلك الأمر بأنه ضروري، ولا يقل في أهميته عن وجود الطاقة الفنية نفسها، بل من الممكن أن تعوض ضعفها أحيانًا.”
في عام 1968، خطى عادل إمام أولى خطواته في عالم السينما، وكانت تلك اللحظة الفارقة التي أبرزت موهبته الكوميدية الفذة. حيث شارك في فيلم “لصوص لكن ظرفاء” بجانب الممثل أحمد مظهر. وتمكن “إمام” من إبراز مهاراته الاستثنائية في الكوميديا، وأعطى الجمهور نكهة جديدة من الضحك والتسلية.
لكن كانت مرحلة ما بعد النكسة (1967-1972) تحمل تحديات جديدة. مع الأوضاع السياسية والفنية المضطربة، تأثرت مسيرته الفنية قليلاً، حيث انتقل إلى تأديته لأدوار ثانوية. ومع ذلك، برز حضوره الملفت الذي جذب الانتباه، وجاءت لحظة تحول حاسمة في عام 1973 مع فيلم “البحث عن فضيحة”.
في هذا العمل، انتقل عادل إمام من الأدوار المساعدة إلى دور البطولة، معلناً عن مرحلة جديدة في مسيرته الفنية. ساعد في ذلك انتصار أكتوبر والانتعاش النفسي الذي عاشه المجتمع الفني في ذلك الوقت، حيث أصبح إمام النجم الأوحد الذي يتألق في سماء السينما المصرية.
رغم اختلاف مواصفاته الشكلية عن نجوم الصف الأول، إلا أن اللون الكوميدي الذي طبع أدواره كان شفيعًا له. لم يكن إمام يقدم نفسه كمنافس للنجوم الرومانسيين مثل محمود ياسين وحسين فهمي، بل كان يقدم نوعًا مختلفًا من التسلية والفكاهة، مما أضاف له جمهوراً كبيراً ومحبة لا تنضب.
منذ منتصف السبعينيات وحتى اليوم، يظل عادل إمام علمًا من أعلام السينما المصرية، يتألق بأدواره الكوميدية المميزة ويحقق نجاحات باهرة. رحلته من الظل إلى النجومية المطلقة تعكس موهبته الفذة وقدرته على التأقلم مع التحولات الفنية والاجتماعية، مما يجعله نجمًا لا يضاهى في عالم الفن.ولعل ذلك ما يدفع إلى الاستفهام حول الصورة المستقبلية للسينما المصرية، وما إذا سيظهر في المستقبل قائد آخر قادر على مجاراة إرث الزعيم والتأثير بنفس القوة والجاذبية.