يقال أنّ الكوميديا و فن الإضحاك أصعب و أخطر من الدراما و إبكاء المشاهد , لكن أن تضحك الجمهور على نفسه و تجعله ينساق وراء القصة من خلال وضعه أمام مرآة عاكسة لعيوبه في عالم مليء بالتناقضات, هو تحدي و مخاطرة.
هذا ما نجح فيه المخرج الشاب ماريو رمزي حنا مع فيلمه” اللقمة المستحية foie gras”والذي توّج في مسابقة أفلام الطلبة في الدورة 23 لمهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية و القصيرة.
أخذنا “ماريو” بفانتازيا كاريكاتورية في عالم عبثي ليضعنا أمام عائلة “ارستقراطية” في عشاء عائلي مع كل البروتوكولات اللازمة في مثل هذه الموائد التي يطغى عليها النفاق و محاولات إظهار أحسن ما لدينا ,فتجدهم تارة يتحدثون عن الأسواق التي يشترون منها الخادمات و تارة أخرى عن الأطباق المستوردة من باريس…نعم بالنسبة لهم الخادمات و الأطباق والعبيد في نفس المستوى ولهم نفس القيمة بل ربما الأطباق المستوردة من فرنسا أغلى من خادمة تم أخذها من نادي أو قرية.
المغامرة كانت في ذلك الوتر الفاصل بين الفيلم الكوميدي الفانتازي الناجح و بين الفانتازيا المشوهة او تلك التي لم تأخذ نصيبها من التطوير و البحث من الفكرة إلى التنفيذ.لكن نحن في حضرة فيلم نجمه “التفاصيل” فكان كل جزء من الصورة مدروس, الملابس المصممة والماكياج والإكسسوارات المستعملة والديكور ,هذه الأجزاء التي غالبا ما يتغاضى عليها الطلاب في مشاريع تخرّجهم لكن “اللقمة المستحية foie gras” جعلنا أمام 10 دقائق مصممة بكل جزئياتها: فالألوان المستخدمة وأنواع الكؤوس و الأطباق المستعملة و الماكياج و حتى الكلمات المستعملة في الحوار بين الشخصيات له دلالات كبرى لإيصال رسائل الفيلم فكانت ألوان ملابس الشخصيات تدل مباشرة على مكانتهم الاجتماعية وعلى العلاقات بينهم فالبنفسجي الذي ترتديه “فاتن” و”فايزر” و “توفيق” يأخذنا للعائلات الملكية و الحاكمة وغيره من التفاصيل الي تغوص بينا في هذا العالم “الخيالي” كألوان المأكولات التي تعمّد المخرج أن تكون مختلفة تمام الاختلاف مع ما نجده في عالمنا.
وبما أن القبح و البشاعة ليسا بالضرورة أمرا وراثيا ,فيظهر لنا “زكي” ابن فاتن المختلف عنهم و مناهض لكل ما يقوم به محيطه لتتواصل القصة…