ضمن فعاليات الدورة الرابعة عشرة لمهرجان سوسة الدولي لفيلم الكفولة والشباب، احتضن المعهد العالي للفنون الجميلة بسوسة صباح يوم 10 أفريل 2025 ندوة فكرية بعنوان “عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم: أهمية إدخال الفنون وقراءة الصورة السينمائية في المناهج التربوية”، وذلك استنادا إلى تقرير اليونسكو حول مستقبل التعليم.
شهدت الندوة حضورا نوعيا لعدد من الفاعلين في الشأن التربوي والفني والسياسي، من بينهم مختصون في السياسات التعليمية، باحثون، وممثلون عن منظمات دولية. وقد تولّت تسيير الجلسة الخبيرة الحقوقية التونسية يسرى دعلول،
انطلقت النقاشات من قناعة راسخة بضرورة إدماج الفنون، وخاصة الصورة السينمائية، في المناهج التعليمية، بوصفها أداة فعّالة في بناء التفكير النقدي وتعزيز الحس الإبداعي والوعي البصري لدى التلاميذ، في انسجام مع التحولات الرقمية والتواصلية التي يشهدها العالم.
لقد شكّل تقرير اليونسكو المشار إليه خلال هذه الندوة مرجعا جوهريا لعديد الدول في الجنوب العالمي، حيث أصبح أداة إصلاحية أساسية للتعليم، لا تكتفي بطرح البدائل، بل تنبش في عمق التجارب والتوجهات التربوية، من خلال ثلاثة أسئلة جوهرية: ما الذي يجب أن نتخلى عنه؟ ما الذي يجب أن نتمسك به؟ وما الذي يستحق التطوير؟
في هذا السياق، شدّد المستشار العام والخبير في الحياة المدرسية في وزارة التربية التونسية، مصطفى شيخ الزوالي، على أهمية الفنون، وخاصة النوادي السينمائية داخل المدارس، معتبرا أن اعتماد تدريس الفنون حق تضمنه القوانين، وإن ظلّ بعيدا عن التفعيل في عدة جهات من الجمهورية.
أما الباحث العراقي عبد الحسين شعبان، فقد استحضر تجربة تعليمية في إحدى جامعات دمشق، حيث توظّف الصورة السينمائية كأداة تعليمية تسهّل الفهم وتُسرّع استيعاب المعلومات، مما يعزز من القيمة البيداغوجية للفنون البصرية.
من جانبه، أشار عضو اللجنة الدولية لمستقبل التربية والتعليم ورئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان “عبد الباسط بن حسن”، إلى أن الفنون كانت دائما في طليعة المطالبين بإصلاح التعليم، باعتباره أداة لأنسنة المجتمعات وبناء منظومة القيم. وأكّد أن التقرير خلاصة تشاركية، ناتجة عن مشاورات واسعة شملت شبابا، نقابات، بلديات، وفنانين من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى الحاصلين على جوائز نوبل.
ما يُلفت الانتباه في هذا المسار الإصلاحي هو الطابع الإنساني الذي يتبنّاه التقرير، حيث يدعو إلى اعتبار التعليم حقا على مدى الحياة، ومنفعة عامة تقوم على التعاون والمشاركة في حوكمة الموارد، وتمنح للفن دورا تأسيسيا في صياغة مواطن الغد.
عبير العقربي