تستضيف الدورة الخامسة والثلاثون لأيام قرطاج السينمائية تكريماً خاصاً للمخرج التونسي “جيلاني السعدي”، أحد أبرز المبدعين الذين اتخذوا من الهامش منطلقا لرؤاهم السينمائية. ولد السعدي في بنزرت يوم 6 فبراير 1962، وبدأ مسيرته الفنية من داخل حركة نوادي السينما التونسية، حيث ساهم في تأسيس نادي سينما بنزرت. هناك، انفتح على أبرز الأعمال الكلاسيكية وسينماءات العالم، وهي التجارب التي صقلت حسه الفني وشكلت أساس مسيرته الإبداعية.
منذ بداية مسيرته الإخراجية، أظهر جيلاني السعدي اهتماما عميقا بالمهمّشين، فجاءت أفلامه مرآة تعكس واقعهم المعقد، حيث تجتمع القسوة بالعنف ضمن عوالم تعج بالصراعات والاضطرابات. لم تكن شخصياته مجرد أبطال سينمائيين، بل كانت تجسيدا حقيقيا للمعاناة الإنسانية والتفاصيل الصغيرة التي غالبا ما تغيب عن عدسة الكاميرا التقليدية.
اعتمد السعدي أسلوبا إخراجيا غير تقليدي، فكانت الكاميرا لديه أداة حرة تتجاوز القواعد الكلاسيكية في التصوير، لتنقل حركتها مشاعر شخصياته بصدق وجرأة.
على مدى سنوات، تمكن السعدي من تحقيق نجاحات لافتة على المستويين الوطني والدولي، حيث حصدت أفلامه جوائز مرموقة في العديد من المهرجانات:
فيلم “عصيان” (2021): حصل على التانيت البرونزي في أيام قرطاج السينمائية، وهو شهادة على عمق تأثيره في المشهد السينمائي التونسي.
فيلم “عرس الذيب” (2006): نال جائزة لجنة التحكيم في أيام قرطاج السينمائية، وجائزة أفضل فيلم إفريقي في مهرجان السينما الإفريقية بميلانو عام 2007.
“خرمة” (2002): قدم رؤية جديدة لشخصيات تونسية مركبة، ليصبح علامة فارقة في مسيرته.
ثلاثية “بدون”: قدمت صورة مغايرة وغير مألوفة لعوالم المهمّشين، حيث عالج من خلالها قضايا سياسية واجتماعية بروح فنية جريئة.
تُخصص أيام قرطاج السينمائية في دورتها الخامسة والثلاثين ريتروسبيكتيف لاستعراض أعمال السعدي، وهو تكريم يليق بمخرج استطاع أن يترك بصمة خاصة في السينما التونسية والعالمية. يعكس هذا التكريم الاعتراف بقيمته الإبداعية وقدرته على الانتصار لقضايا الهامش وتقديمها بعمق إنساني وإبداع بصري مميز.