أغيثونا!”… السينما التونسية في عنق الزجاجة: دعم معلّق ومؤسسات مشلولة

You are currently viewing أغيثونا!”… السينما التونسية في عنق الزجاجة: دعم معلّق ومؤسسات مشلولة

أغيثونا!”… السينما التونسية في عنق الزجاجة: دعم معلّق ومؤسسات مشلولة

  • Post category:أخبار

“سيدي رئيس الجمهورية، نحن اليوم في أمسّ الحاجة إلى تدخلكم المباشر لإنقاذ قطاع السينما…” بهذه العبارات الاستغاثية، استهل المنتج السينمائي محمد علي بن الحمراء رسالته المفتوحة إلى رئيس الجمهورية، في محاولة يائسة لفتح نافذة في جدار الصمت الذي يلفّ أزمة القطاع السينمائي في تونس.

رسالة جاءت في ظل احتقان متصاعد داخل الأوساط السينمائية، نتيجة تعطل صرف منح الدعم، وتجميد المشاريع، وغياب رؤية واضحة من قبل سلطة الإشراف.ما يحدث اليوم ليس مجرد تعثر تقني أو إشكال إداري عابر، بل هو، حسب ما عبر عنه بن حمراء، انعكاس لأزمة هيكلية تضرب صميم المنظومة السينمائية، وتضع مستقبل الإنتاج الوطني على المحك. فخلف جدران وزارة الشؤون الثقافية والمركز الوطني للسينما والصورة، تتراكم الملفات وتُعلّق القرارات، بينما تنتظر كاميرات التصوير إشارة انطلاق لا تأتي.”

المركز معطَّل… والمشاريع مشلولة

منح الدعم العمومي التي تمثل شريان الحياة الأساسي للإنتاج السينمائي في تونس، بقيت معلّقة خلال الأشهر الماضية، رغم صدور نتائج اللجان وتوقيع الاتفاقيات. السبب، كما توضّحه المعطيات الرسمية، يعود إلى تغيير آليات صرف الاعتمادات، ضمن ما يُعرف بـ”نفقات العنوان الثاني”، وهو إجراء إداري جديد تم اعتماده دون التشاور مع أهل القطاع، ودون مراعاة لخصوصيته.المركز الوطني للسينما والصورة، الذي يُفترض أن يكون الهيئة المؤطرة والمنظمة لهذا القطاع، وجد نفسه في وضعية “تعطيل شبه تام”، وفق توصيف رسالة “بن حمراء”.

فقد توقفت اجتماعات مجلس التوجهات الاستراتيجية، وتم تغييب المجلس العلمي والفني، ما فاقم من ضبابية المشهد، وجعل العاملين في المجال يشعرون أنهم تُركوا دون سند مؤسساتي.

تنازع صلاحيات… وتجميد إصلاحات

منذ صدور المرسوم عدد 86 لسنة 2011، الذي ينصّ على استقلالية المركز الوطني للسينما والصورة، ظلّ تنفيذ هذا الإطار القانوني رهين إصدار النصوص الترتيبية. ورغم إعلان وزارة الشؤون الثقافية، منذ سنة 2017، نيتها في استكمال هذا المسار، لم يُسجّل أي تقدم فعلي حتى الآن.الأخطر من ذلك، بحسب الرسالة، هو “الانقلاب المؤسساتي” على هذا المسار، حيث تستمر الإدارة العامة للفنون الركحية والسمعية البصرية في ممارسة صلاحيات لم تعد من اختصاصها، ما يُكرّس تنازعًا في المهام، ويُضعف من نجاعة العمل الثقافي.

من يملك القرار؟

تساءل محمد علي بن حمراء في رسالته: “من يتحمل مسؤولية هذا الانسداد؟” سؤال يعكس حيرة عميقة، لا فقط داخل أروقة الإنتاج، بل في وجدان كل من يؤمن بأن السينما ليست مجرد فن، بل أداة فهم وهوية ونقاش مجتمعي.ورغم أن المركز يملك الكفاءات والمقترحات والآليات، إلا أن تجميد أدواره، وتهميش الهياكل الداخلية، حوّله إلى مجرّد واجهة إدارية.

ولم تُفلح النداءات المتكررة في دفع الوزارة إلى التفاعل الجدي، بل على العكس، زادت القرارات الفوقية من تعقيد المشهد.في ظل هذا الجمود، تتكاثر المخاوف من انهيار منظومة الدعم، وانسحاب المنتجين المستقلين من الساحة، خاصة وأن التمويل العمومي يُمثل في أغلب الحالات حجر الأساس لأي مشروع سينمائي تونسي.

ومع غياب الأفق، تبدو آمال الإصلاح مؤجلة إلى أجل غير معلوم.في انتظار ردّ رئاسة الجمهورية على هذه الصرخة، تبقى السينما التونسية اليوم في وضع حرج، لا لضعف في الإبداع أو في الطاقات، بل لانسداد الأطر والقرارات، وسط غياب قيادة ثقافية تملك الشجاعة لتفعيل القوانين، وإعادة الاعتبار لمؤسساتها.