تكرم أيام قرطاج السينمائية في دورتها الخامسة والثلاثين، المخرج السنغالي “أباباكار سامب مكارام” الذي يُعدّ من أبرز رواد السينما الإفريقية ومن أعلام الحراك الثقافي من أجل استقلال السينما في القارة. اسمه لا يرتبط فقط بالإخراج، بل أيضا بكونه ممثلا وكاتب سيناريو ومنتجا، إضافة إلى كونه أول أمين عام للاتحاد الإفريقي للسينمائيين (FEPACI)، وهو المنصب الذي تقلده عام 1970 ، حيث قاد من خلاله نضالات عديدة لدعم توزيع الأفلام في الفضاء الإفريقي، وخصوصا جنوب-جنوب.
بين التقليد والحداثة
بدأت مسيرة سامب السينمائية بفيلم “ولم يعد الثلج بعد الآن” (1965)، ثم أبدع فيلمه الطويل الأول “كودو” (1971) ليعود في عام 1981 بفيلمه “جوم”. امتازت أعماله بنظرتها العميقة للمجتمع السنغالي الذي كان يشهد تحولات كبرى في أعقاب الاستقلال. وظف سامب عدسته لخلق حوار فلسفي وشاعري بين التقليد والحداثة، بين القيم المحلية الإفريقية والقيم العالمية، مقدما بذلك سينما تنبض بالمعاصرة وتسائل القضايا الإنسانية الأزلية.
سينما اجتماعية وسياسية بامتياز
تميزت سينما سامب مكارام بطابعها الاجتماعي والسياسي، حيث تعامل مع المواضيع بأسلوب فني فريد يعتمد على لغة سينمائية مبتكرة ومحتوى اجتماعي وسوسيولوجي عميق. كان في طليعة السينمائيين الذين حاولوا تفكيك العلاقة بين الإنسان الإفريقي وإرثه الثقافي، في مقابل القيم المستوردة، ليُبرز هوية إفريقية أصيلة تحمل في جوهرها رؤى عالمية.
ما يجعل سينما سامب فريدة هي قدرتها على الجمع بين القيم الثابتة والمواضيع الحديثة، حيث أن أعماله لم تكن مجرد مرآة للمجتمع السنغالي فحسب، بل ثورة فنية. فقد استطاع بجرأة استثنائية أن يعبر عن صراعات الهوية، التحرر، والقيم الإنسانية من منظور إفريقي متفرد.
يظل أباباكار سامب مكارام رمزًا لسينما تُحاور الزمن، تجدد العهد مع القيم الإنسانية، وتنحت لأفريقيا مكانة بارزة في المشهد الثقافي العالمي.