You are currently viewing في اليوم العالمي للرقص: كيف ساهم الرقص الشرقي في السينما المصرية في تعزيز الهوية الثقافية؟

في اليوم العالمي للرقص: كيف ساهم الرقص الشرقي في السينما المصرية في تعزيز الهوية الثقافية؟

في يوم 29 من شهر أفريل، يحتفل العالم باليوم الدولي للرقص، والذي يروج له المجلس الدولي للرقص، فرعا من منظمة اليونسكو، حيث يسلط الضوء على أهمية الرقص كفن ووسيلة للتعبير الثقافي. وفي هذا السياق، لا يمكن إلا أن نتذكر الأثر الكبير الذي خلفه الرقص الشرقي في الفن والسينما المصرية بشكل خاص.

حضارة متجذرة:

للرقص الشرقي تاريخ طويل منذ انطلاقته في مصر، إذ أنه فن تعود جذوره إلى الحضارة الفرعونية، ولم تفلح حالات الحصار الأخلاقية في كبح انتشاره، لكن الثورة الحقيقية في هذا الفن جاءت بدمجه لفنون رقص وافدة وانتقاله إلى عوالم السينما والعروض المسرحية، ما جعله يظهر للعالم وينتشر في شتى الأصقاع، حتى أنه صار مدارس متنوعة لكنها تتفق في الجوهر.
تؤكد الكثير من حركات الرقص الشرقي أن لها أصولا فرعونية، كما تدل على ذلك رسوم المعابد واللوحات الأثرية التي تمتلئ بها المعابد، مثل معبدي طيبة والقرنة، التي تصور الجانب الراقص من الحياة الفرعونية عبر مشاهد رمزية وحفلات دينية ومواكب يصحبها موسيقيون بعضهم يغني وبعضهم الآخر يقوم بالعزف جنبا إلى جنب مع راقصات في أوضاع وحركات لا تختلف في شيء عن أوضاعهن وحركاتهن اليوم.

الرقص كهوية ثقافية في السينما:

الرقص الشرقي في الأفلام المصرية ليس مجرد حركات إبداعية، بل هو نافذة فنية تفتح على موسيقى ولحن تراثي غني. يسهم هذا الرقص بشكل فعال في تعريف المشاهدين بالموسيقى المصرية التقليدية وبالموسيقيين الذين يحملون هذا التراث العريق.
عندما يتناغم الرقص الشرقي مع الموسيقى المصرية، يتم توظيفه كوسيلة فنية تعيد إحياء تلك الألحان التراثية التي تجسد جمال الثقافة الموسيقية في مصر.
ومع كل خطوة ترافقها لحن مصري قديم، يتم تسليط الضوء على الموسيقيين الذين يعملون خلف الكواليس. يصبح الرقص الشرقي وسيلة لتكريم هؤلاء الموسيقيين وإبراز دورهم الحيوي في تشكيل الطابع الموسيقي للسينما المصرية.
وفي إطار أوسع، يعد رقص الشرقي في الأفلام المصرية وسيطا رمزيا متعدد الأوجه. يعبر عن حضارة كاملة وتاريخ طويل من الفن والتراث. إن استخدامه كوسيلة تعبير ليس فقط عن روعة الحركات، بل عن تمثيل متجذر للهوية والتاريخ المصري.

القوة الناعمة في السينما:

عاشت السينما المصرية في الفترة الذهبية من الأربعينيات إلى الستينيات حقبة فنية ملونة، أعادت إلى الحياة تفاصيل ثقافة العرب والمصريين. وفي قلب هذه النهضة الفنية كانت المرأة، تمثل جزءا لا يتجزأ من صناعة السينما. ورغم الصور النمطية التي قد تظهر في أدوار النساء أحيانا، فإن العديد من هذه الأدوار كانت محفزة وجريئة في الوقت نفسه.
تألقت عديد الراقصات في رحاب السينما المصرية، سواء بمنحهن أدوارا رئيسية أو بتجسيد قصص حياتهن من قبل نجمات بارزات.
ولعل من أبرز الأسماء، تحضر فراشة السينما المصرية “سامية جمال”، بدأت مسيرة غيرت بها مفهوم الرقص من رغبة وإثارة غريزة ونظرة رواد الأفراح للراقصة بعين دونية إلى فن استعراضى مبهر.

ظهرت في السينما لأول مرة عام 1942 في فيلم ممنوع الحب مع محمد عبد الوهاب، ثم وصلت الى النجومية بفضل فيلم حبيب العمر الذي حاز الفيلم شهرة هائلة في مصر ولبنان وسوريا وفلسطين. وكونت مع الأطرش ثنائيا فنيا استعراضيا استمر حتى عام 1952، حين مثّلت معه للمرة الأخيرة في فيلم ما تقولش لحد.

فضلا عن عدة أسماء أخرى مثل نعينة عاكف،تحية كاريوكا، سميرة أحمد، وغيرهن من جميلات الشاشة السينمائية.

تحت زاوية نقدية، كشفت هذه الأفلام تمثيلا قويا ومستقلا بشدة للمرأة العربية، وبخاصة المرأة المصرية التي اكتسبت بهويتها الفريدة وتمكنت من الاستمتاع بمختلف مجالات الحياة بحرية أكبر مما كانت عليه في غير ذلك. ولعل هذه التمثيلية السينمائية، تدعو إلى التفكير في الصور النمطية المتعلقة بالجنس وكيفية انعكاسها على واقع المجتمع.

تعد السينما المصرية بمثابة مدرسة فنية حيث تم إدخال العديد من أشكال الفن، ولكن كان لرقص الشرق الأوسط قيادة خاصة. فقدمت السينما المصرية عروضا مذهلة لرقص الشرق الأوسط من قبل فنانات موهوبات، وهذه الأعمال لم تقتصر على الترفيه فحسب، بل تركت بصمة فنية تدوم حتى اليوم.