نُظّم اليوم، الأربعاء 25 جوان 2025، بقاعة عمر الخليفي بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي، يوم دراسي حول حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في القطاع السينمائي والسمعي البصري، بحضور عدد هام من السينمائيين والمهنيين في المجال الثقافي والفني.
انطلق اللقاء بتقديم تأطيري لمفهوم حقوق التأليف والمبادئ الأساسية للملكية الأدبية والفنية، مع تسليط الضوء على أهمية التصرف الجماعي في هذه الحقوق، باعتبار أن المجتمع الفاعل في مجال الثقافة هو مجتمع متنوّع، وأن القانون مطالب بحماية هذا التنوع والاعتراف بقيمته.
وأشارت الدكتورة سنية بن مبارك، الخبيرة في قانون الملكية الأدبية والفنية، إلى المفارقة بين التقدم التشريعي الذي أحرزته تونس، باعتبارها من أوائل الدول الإفريقية التي صادقت على معاهدة “برن” لحماية المصنفات الأدبية والفنية منذ سنة 1887، وبين غياب الوعي المجتمعي بقيمة هذه الحقوق. وبيّنت أن تونس عرفت حماية مبكرة لحقوق التأليف منذ قانون سنة 1966، قبل أن يتم الاستعاضة عنه بالقانون عدد 36 لسنة 1994، المنقّح والمتمّم بالقانون عدد 33 لسنة 2009، ليتماشى مع التطورات الدولية في هذا المجال.
وأكدت بن مبارك على أن حقوق المؤلف ليست فقط قضية قانونية بل مسألة اجتماعية وثقافية، مشدّدة على ضرورة الاعتراف بالمؤلفين والفنانين كـ”عمّال ثقافيين” لهم حقوق اقتصادية واجتماعية تضمنها العقود والآليات القانونية المناسبة. كما دعت إلى ضرورة تعزيز الوعي العام بقيمة العمل الإبداعي ومخاطر القرصنة التي تضرّ بحقوق الفنانين وكل المشاركين في العمل الفني.
من جانبه، قدّم المدير العام للمؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، “المهدي النجار”، عرضا تفصيليا حول آليات حماية هذه الحقوق، مشيرا إلى أن المؤسسة توفّر خدمة إيداع المصنفات، والتي تتيح للمؤلفين إمكانية إثبات ملكيتهم الفكرية في حال حدوث نزاع، وذلك عبر منحهم قرينة قانونية تُثبت صفتهم كمؤلفين مفترضين.
كما تمّ التطرّق إلى الحقوق المجاورة، والتي تشمل فناني الأداء، والموسيقيين، والممثلين، ومنتجي التسجيلات السمعية والبصرية، وهيئات البث الإذاعي والتلفزي، مع التأكيد على أن هذه الحقوق لا تُلغي حقوق المؤلف ولا تمسّ بها، بل تُعد مكملة لها ضمن إطار قانوني يضمن حماية شاملة للمبدعين.
وقد شدد “النجار” في هذا اللقاء على أهمية تبسيط المفاهيم القانونية ذات العلاقة بالملكية الفكرية، وتطوير آليات نشر الوعي، وتحقيق الاعتراف الثقافي والقانوني بالمؤلفين وكل الفاعلين في الساحة الفنية والثقافية.
ويأتي هذا اليوم الدراسي في سياق جهود متواصلة لتعزيز حماية الحقوق الفكرية في تونس، ودعم البنية التشريعية الضامنة لحقوق الفنانين والمبدعين في مواجهة مختلف أشكال الانتهاك والقرصنة.